إن ما يسمى بالليبرالية الجديدة هو، في الواقع، النظام القديم بحذافيره والمتمثل في القهر الاستعماري الإمبراطوري الذي تمارسه بريطانيا في آسيا، والولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية.
والاختلاف الوحيد حاليًا هو أن النظام لم يعد يُطبق من أجل إقامة دولة إمبريالية، بل من أجل نخبة يجاوز ولاؤها حدود الدولة؛ والحقيقة أن مدى سيطرتهم أصبح أكبر بكثير من حيث شموليته عما كانت عليه الأمور في النظام الإمبريالي التقليدي.
والآن، ما قيمة وجود نظام سياسي ديمقراطي في حين لا تمتلك الحكومة المنتخبة أي سيادة؟ متى أهدرت الحكومة بالفعل كل مهامها لقطاعات الأعمال الخاصة؟ متى تم تحويل العقد الاجتماعي المبرم بين الدولة والشعب إلى شركة خاصة ومؤسسات مالية؟ منذ متى يحق للمستثمرين الأجانب صياغة القوانين في بلد ما؟ متى كانت المنفعة العامة يغلبها سعي الشركات للحصول على أرباح على المدى القصير، وزيادة حصتها في السوق؟
إن بيت القصيد هو أن العملية الديمقراطية ليست سوى مجرد واجهة. إنني أود أن أقترح بأن يكون العامل الأهم الذي يحدد الطابع الديمقراطي للحكومة هو عدم كونها منتخبة من الشعب، بل كونها تستجيب حقًا للشعب، وتخدم مصالحه وتُبرز قيمه. في ظل النظام الليبرالي الجديد، هذا أمر مستحيل. يمكن للشعب انتخاب حكومة، لكنها لن تخدمهم.